• نص كلمة السيد الحكيم في يوم الشهيد العراقي، من جوار مرقد شهيد المحراب (قدس) في النجف الاشرف في الأول من رجب ١٤٤٥ هـ - ٢٠٢٤م

    2024/ 01 /12 

    نص كلمة السيد الحكيم في يوم الشهيد العراقي، من جوار مرقد شهيد المحراب (قدس) في النجف الاشرف في الأول من رجب ١٤٤٥ هـ - ٢٠٢٤م

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين

    قال تعالى في محكم كتابه العزيز "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"  صدق الله العلي العظيم

    - يا أبناء العراق ..

    -يا أبناء و بنات شهيد المحراب و عزيز العراق.. 

    -أيها الأوفياء لهذه المسيرة المباركة التي انطلقت ونمت وامتدت واستمرت ببركة دماء الشهداء والعلماء والصلحاء لتصل إليكم رايةً وأمانةً ومسؤوليةً ، حدودها وأطرها القيم والثوابت والمبادئ ، وعمقها وجوهرها العقيدة والشريعة والعمل الصالح .. فهنيئا لكم هذا الثبات وهذا الاصرار والاستقامة والاستمرار.

    - في كل عام في الأول من رجب .. نحيي يوم الشهيد العراقي .. ذكرى استشهاد الأب القائد والمرجع الشهيد والعالم الرباني ، شهيد المحراب الخالد والذي يتزامن في هذا العام مع الذكرى السنوية لرحيل سفير المرجعية العلامة الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم (طاب ثراه) والذي اغتيل برصاصات الغدر الصدامي في السودان في السابع عشر من كانون الثاني عام 1988م ويتزامن ايضاً مع الذكرى السنوية الرابعة لقادة الانتصار .. نحيي ذكرى شهيد المحراب لنجدد العهد والتمسك بثوابته ومبادئه التي رسمها وجاهد من أجلها واستشهد في سبيلها ، مؤكدين المضي على نهجه وقيمه الأصيلة ، التي تتمثل بالآتي:

    أولا: العقيدة الصحيحة: فكل تيار جماهيري وكل حركة في المجتمع ينطلقان من عقيدة و رؤية واتجاه سليم ، مع مراجعةٍ دائمةٍ ومراقبةٍ مضاعفةٍ لمساراتها وأدوارها ، وتمسكها بالثوابت والأهداف.

    وقد كان شهيد المحراب متمسكاً بعناصر العقيدة و مفرداتها ، منطلقاً من تعاليم الإسلام السمحاء ومبادئ التشيع الغراء ، بعيداً عن الإفراط والتفريط ، والمغالاة والتقصير ، فكان ملتزماً على امتداد مسيرته بقول الإمام الباقرعليه السلام : (يا معشر الشيعة، يا شيعة آل محمّد، كونوا النمرقة الوسطى {أي الاعتدال الخالي من الافراط والتفريط والغلو والتقصير} يرجع إليكم الغالي، ويلحق بكم التالي(.

    ثانيا : الهوية الأصيلة : إذ كان شهيد المحراب مصراً على الالتزام بالهوية الإسلامية الناصعة والشيم العربية الأصيلة والأعراف العراقية النبيلة التي تميز مجتمعنا وتصونه وتحافظ على وحدته وتاريخه وحضارته العريقة.

    إن الهوية الأصيلة هي التي تضمن احترام الذات وتضمن احترام الآخر ، فالضياع والهوان هما مصير من لا هوية له ولا عنوان.

    إن الإسلام و القرآن والنبوة ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام) والمرجعية الرشيدة ، هي معالم شعارنا وهويتنا وعقيدتنا ومقدساتنا التي نتمسك بها فخراً واعتزازاً والتزاماً.

    ثالثا: العدالة والاعتدال: حيث تعلمنا من شهيد المحراب الخالد: أن أي حراك اجتماعي أو سياسي ، يجب أن يرتكز على هدف سام يتمثل في تحقيق العدالة للجميع ومكافحة التطرف والتمييز والتهميش في كل زمان ومكان.

    فالعدالة ، مطلب إنساني فطري و ركيزة أساسية لبناء مجتمع فاعل متعايش يعززه حضور فعلي ملموس للجميع.

    كما أن الاعتدال في المواقف والسلوك والخطاب هو مبدأ أساسي في الوسائل والغايات على حد سواء.

    كما ورد عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف أتباعه وشيعته بقوله:(إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يُسرفوا، بركة على مَن جاوروا، سلمٌ لمَن خالطوا).

    في دلالةٍ واضحةٍ على ضرورة الاعتدال وتطبيق العدالة في كل موضع و في كل حين.

    وفي الشأن التياري الوطني ..

    -أبارك لكم أيها الأحبة .. ما أنجزتموه و حققتموه في انتخابات مجالس المحافظات مؤخراً ، من مشاركة فاعلة ونصر كبير وعودة واثقة ميمونة إلى ساحات العمل و مساحة القرار و الانجاز.

    -وما كان ذلك ليتحقق لولا الإخلاص الحقيقي والتوكل على الله والمصداقية والاصرار على المبادئ وتأكيد الوجود وتثبيت الحضور بصولاتكم وغيرتكم التيارية المعهودة.

    -أقولها بفخر و اعتزاز: لقد أثبتم يا أبناء الحكمة والحكيم ..قوتكم وقدرتكم على المطاولة والصبر والاستمرار وقد كشفتم بوضوح زيف مخططات السوء التي أرادت تحجيمكم وإبعادكم وإخراجكم من الساحة بفعل التزوير والتشويه والتسقيط ، وقد رددتم الصاع صاعين وانتصرتم باعتدالكم وحكمتكم على من أراد بكم سوءاً ، بالمكر والخديعة والتلاعب وأثبتم مجدداً أن قوة المنطق تتغلب على منطق القوة ،وأن قلاع الاعتدال والوسطية حصينة ومنيعة وجاذبة ، وأن العقلانية سيدة المواقف وأن شعبكم تواق للمصداقية والكلمة الطيبة والعمل النافع.

    -فالنصر نصركم أنتم .. أيها القادة .. وأيها الشباب .. يا أبناء الحكمة .. يا أنصار شهيد المحراب وعزيز العراق ..هنيئا لكم حلاوة النصر وقوة العزيمة وحصاد الجهد والحماس والميدانية.

    -إن وحدتكم و تعاونكم وتعاضدكم كان ولايزال مفتاح الفلاح ، .. وسر النجاح يكمن في هذه الوحدة وهذه الهمة وفي النوايا السليمة والعمل المشترك و التكاتف والتعاضد.. وهذا النصر ليس نصراً لمؤسسة تيارية أو مجموعة بعينها أو للقيادة وحدها ، بل هو نصر لتياركم بكل أبنائه ومنتظميه ومحبيه وأنصاره.

    إنه ثمرة الغيارى وحصيلة الوحدة وحصاد الايثار.

    -أيها الأبطال الأبرار .. لقد حققتم الانجاز بالوحدة وبالصبر والبصيرة والمبدئية ، فلم تسمحوا لليأس والإحباط أن يؤثرا على عقولكم النيرة و قلوبكم النقية ، بل اتخذتم من الصبر درعاً ومن العمل المضاعف هدفاً ومن رد الاعتبار مقصداً ، فحققتم الغايات وحصدتم من التعب و العناء ثمرة الثقة والمحبة ، والتأييد من أبناء شعبكم الكريم المعطاء.

    -كما أن هذا النصر يمثل حصيلة التراكم والاستمرار في الخطاب والفعل والقرار ، وعدم الانجرار وراء الانفعالات والتقلبات ، فمن كان ثابتاً ومستقيماً وعارفاً بمسالكه فإنه سيكون كالجبل راسخاً شامخاً ويكون بعيد النظر و راجح الرؤية ، ينظر ماوراء الأحداث و يستشرف المستقبل ، لا متزلزلاً ولا متقلبا كتقلب الأمواج {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}.

    وكنتم صابرين ثابتين ماكثين على الأرض بما ينفع شعبكم و أهليكم ، فمن الله عليكم بالعزيمة وسدد خطاكم بالنصر.

    -إخوتي وأخواتي وأحبتي و أهلي .. يا نبض العراق ..

    إن ماجرى سابقاً وما حدث اليوم ،فيه دروس وعبر وتجارب علينا الالتفات إليها وتعزيزها والتوقف عندها.

    ما هذا الانتصار وحصد المقاعد والفوز بها إلا الخطوة الأولى نحو تحقيق الهدف الأسمى وهي خدمة الناس وقضاء حوائجهم وعمران المحافظات لرفد وطننا الحبيب وصونه واستقراره.

    -المسؤولية الأكبر بدأت الآن.. علينا التفكير والعمل وبذل الجهود المضاعفة لتحويل ما حصدتموه إلى آليات فاعلة لخدمة المجتمع وبناء الدولة وإعمار المحافظات ، بالتعاون مع جميع الشركاء الذين فازوا بثقة الشعب.

    -واعتباراً من الآن فصاعداً ليس أمامنا هدف إلا توحيد الجهود في كل محافظة بشكل مستقل وبين المحافظات بشكل عام ،  وبينها وبين المركز في إطار وطني مسؤول ، لتحقيق البرنامج الانتخابي لتحالف قوى الدولة الوطنية والبرامج الخيرة الأخرى التي تصب في مصلحة أبناء شعبنا الكريم.

    لابد أن تكون لدینا أولویات محددة في مجالس المحافـظات.. تكمل مسار الحكومة الحالـیة للأخ السوداني.. وتصب في تحقیق النجاح واستكمال خطوات البناء وتعزیز الاستقرار في البلاد.

    وھو ما نجده ماثلاً في النقاط الآتیة:

    أولا/ لابد من تفعیل مجالس الأقـضیة من حیث القانون وآلیات اختیار قائمقام یتحلى بالكفاءة والنزاھة والشجاعـة في اتخاذ القرار .. فالمنظومة الخدمیة في مجالس المحافـظات لاتقتصر على وجود المحافظ فقط .. بل یجب أن یتحول رؤساء الأقضیة إلى وزراء تنفیذیین للحكومة المحلیة.. لیكونوا خير سند وعـون للمحافظ.. فلا يحتكر أحدهم السلطة لحسابات عشائرية ومناطقية فقط .. بل يجب أن تحضر الخطط وآليات خدمة الأقضية والنواحي بلا تمييز أو استثناء.

    ثانیا/ لابـد مـن تـركـیز أعـضاء مـجالـس الـمحافـظات عـلى مهامهم القانونية في الدعم والرقابة على أداء الحكومات المحلية .. وأن یـكون ھـناك تنسـیق عال بـین تـلك الـمجالـس وبين مجلس الـنواب.. فـلا إعـمار بـلا قـانـون.. ولا نـجاح بـلا رقـابـة وتقویم ، ولا بدأن تلتقي الرقابة مـع الـتنفیذ.. فـلكل مـسؤولـیته وعـلى الجـمیع أن یـتكامـل مـع ھـذه الـمسؤولـیة لـتحقیق الـنجاح والمصلحة العامة للمحافظة.

    ثـالـثا/ لابـد مـن تطبيق الـبرنـامـج الانـتخابـي الـذي عـلى أساسه صوت الناخبون ومنحوا أصواتهم لأعـضاء مجالس المحافظات الفائزين ((وأوفوُا بالعهد إن العهد كان مسئولاً)).

    و أولى أولويات هذه البرامج الانتخابية هي خلق فرص العمل لشبابنا وتهيئة الأرضية المناسبة لتوفير المشاريع الضامنة لفرص العمل .. بما يحقق طفرة نوعية في القطاع الخاص في العراق.

    ومن دون هذه الرؤية لا نستطيع مواجهة تحديات البطالة بين صفوف شبابنا من الخريجين وغيرهم.

    -لنبدأ مشوار التنافس والتسابق على الانجاز والخدمة وتحقيق الأجمل والأفضل في كل المحافظات ، ليكون العراق كله ورشة عمل على مدار الساعة.

    فليتنافس المتنافسون على الخدمة لا على الامتيازات وعلى الانجاز لا على المكاسب وعلى المصلحة العامة لا الخاصة وليكن العمل من أجل الجميع لا من أجل جهة أو فئة أو مجموعة.

    -وبودي مخاطبة الفائزين من (قوى الدولة الوطنية)  في مجالس المحافظات بالقول:

    -إنإخوانكم في التنظيم جميعاً لم يقصروا في دعمكم واسنادكم وقد أولاكم التيار الاهتمام والرعاية والعناية الفائقة و وقف معكم ليلاً نهاراً ، و بذلت الجهود الكبيرة ، لايصالكم إلى مواقع المسؤولية والخدمة ، فما عليكم إلا رد الجميل لتلك الجهود ولأبناء شعبكم ، بالعمل الدؤوب والمضاعف والتصدي بعزيمة للخدمة والتواجد الميداني.

    -فليكن همكم الأول و الأخيرهو رضا الله وخدمة الناس وتلبية مطاليبهم وتنمية محافظاتكم وعمرانها.

    -إن أبناء الحكمة أثبتوا مجدداً أنهم لايجلبون المصلحة لأنفسهم ، بل همهم وغايتهم وطنهم وشعبهم ، ولذا فهم يتوقعون ممن يتصدى للمسؤولية أن يكون على قدرها بالأمانة والنزاهة والكفاءة والخدمة ، ليحق لهم التباهي بعمله و فعله وخدمته.

    -وأما من يخون أمانتهم وثقتهم و وقفاتهم، فينبذونه ويتبرأون منه ومن سلوكه.

    أيها الفائزون بثقة أهلكم ..

    -اكسبوا قلوب الناس وقلوبمن وقفوا معكم بالخلق الكريم والفعل الصالح والوفاء ، فقد جربتموهم أيام الشدة وخبرتموهم أيام الرخاء ، وهم كما يليق بأبناء الحكمة والحكيم ، مخلصون مثابرون خدومون و ثابتون في الميدان.

    وفي الشأن الدولي والإقلیمي.. 

    مـا زال الـكیان الصهيوني الـغاصـب موغلاً فـي طـغیانـه ورعـونـته فـي قـتل الأطـفال والـنساء مـن أھـلنا فـي غـزة والضفة.

    وما زال الموقف الدولي خجولاً أمام محاولات وقف نزیف الدم وارجاع الحق إلى أهله ..

    إن الـقضیة الفلسـطینیة متجـذرة فـي عـقول ونـفوس الـعراقـیین جـمیعا.. ولا یـمكن الـسكوت أمـام ھـذا الـطغیان والعدوان السافر عـلى الأرض والمقدسـات.. والاسـتھتار بـأرواح الأبریاء من المدنیین وغـیرھـم من قبل الكیان الصهيوني الغاصب.

    وعلى الدول العربیة والإسلامیة والمجتمع الدولي وجمیع الأحرار في العالم أن یتخذوا موقفا جدياً لايقاف هذه الحرب الظالمة على الشعب الفلسطيني.

    إننا نحذر من محاولات إعادة التوتـر إلى المنطقة.. فالحوار والتفاھـم ھـو الأساس الذي یجب أن يسود.. فالمنطقة لاتحتمل مزیدا من التھور والمجازفة والعبث.

    وفي هذا السياق نستنكر وبشدة العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن الصامدة وخرق سيادتها واستهداف منشأتها ونحذر من توسيع دوار الحرب القائمة على غزة والمخاطرة بالأمن والسلم الأقليمي.

    لقد كلفنا تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة الكثیر من التضحیات .. ولا یمكن التھاون في ذلك.

    وفي الـوقـت الـذي نسـتنكر فـیه اسـتھداف البعثات الدبـلوماسیة في الـعراق ونـعتبره تجاوزاً مرفوضاً على قرار الدولة وسيادتها .. فـإنـنا نـرفـض تماماً كـل أسالـیب الاعتداء عـلى مـقرات الحشـد الـشعبي ونـعتبره تـجاوزا عـلى سـیادة الـعراق وأمنه واسـتقراره.. ولا یـمكن أن تـبقى ھـذه الـتجاوزات مسـتمرة فـي بـلد نـعمل جاهدين عـلى اسـتعادة ريادته وحفظ أمنه واستقراره.

    حمى الله بلدان المسلمین والعالم من كل سوء ..

     وحمى الله شبابنا وشباب المسلمین من آفات الشر والانحلال ..

    وحفظ الله مراجعنا العظام ولاسيما المرجع الأعلى الإمام السيستاني (دام ظله الوارف) وقواتنا المسلحة ، ورحم الله شهداءنا الأبرار وقادة الأنتصار والشهيدين الصدرين وشهيد المحراب وعزيز العراق.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

     

     

    اخبار ذات صلة