• نص كلمة السيد الحكيم في الكرنفال السنوي باليوم العالمي للاشخاص ذوي الإعاقة 2024

    2024/ 12 /10 

    نص كلمة السيد الحكيم في الكرنفال السنوي باليوم العالمي للاشخاص ذوي الإعاقة 2024

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين...

    أيها الأحبة الكرام... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

    في كل عام، يتجدد لقاؤنا بكم، ليس كمجرد موعد نلتزم به، بل كتجديد للعهد والوفاء مع شريحة عزيزة علمتنا أن الإرادة هي جوهر التغيير، وأن العزيمة هي أساس النجاح. مهما تزاحمت الأولويات، يبقى لقاؤنا بكم أولوية لا تزاحمها أولوية، لأنكم المرآة التي تعكس حقيقة إنسانيتنا وعمق مسؤوليتنا وأصالة قيمنا.

    علينا أن ندرك أن الإعاقة ليست حاجزًا للإبداع أو النجاح، بل هي شكل من أشكال التنوع البشري الذي يعزز غنى المجتمعات. تتطلب هذه الفكرة تغييرًا جذريًا في المفاهيم التقليدية؛ حيث ينبغي أن ينظر المجتمع إلى ذوي الإعاقة كأشخاص يمتلكون طاقات هائلة وقدرات مميزة. تتطلب هذه الفكرة تعزيز وعي المجتمع عبر المناهج الدراسية، ووسائل الإعلام، والأنشطة الثقافية، وتسليط الضوء على قصص النجاح الملهمة التي تثبت أن الإعاقة لا تعيق الإبداع.

    في بداية مسيرتنا معكم، تحدثنا عن ضرورة تصحيح المفاهيم المجتمعية، لأن المفاهيم الخاطئة تؤدي حتماً إلى ممارسات خاطئة. واليوم، بعد سنوات من العمل المشترك والنضال المتواصل، نقف معاً لننتقل من مرحلة تصحيح المفاهيم إلى مرحلة التمكين الشامل والفاعل.

    أولاً: في تصحيح المفاهيم المجتمعية والثقافة العامة

    لقد قلت في مؤتمرنا الأول: إن الإعاقة الحقيقية ليست في الجسد أو الحواس، بل في عوق الأخلاق وانحراف الفكر. واليوم، أؤكد لكم أن هذا المفهوم يجب أن يترسخ في وعي مجتمعنا بشكل أعمق. فالمجتمع الذي يحترم الأشخاص ذوي الإعاقة ويمكّنهم هو مجتمع يحترم إنسانيته أولاً.

     

     

    نحن بحاجة إلى:

    - إطلاق حملة وطنية شاملة لتغيير النظرة المجتمعية نحو الأشخاص ذوي الإعاقة

    - تضمين مناهجنا الدراسية مفاهيم احترام التنوع وقبول الاختلاف

    - تفعيل دور الإعلام في نشر قصص النجاح والإنجاز

    - تأسيس مراكز توعية مجتمعية في كل محافظة

    ثانياً: في تعزيز الحقوق والتشريعات

    القوانين هي الأساس الذي يضمن العدالة الاجتماعية، ومن المهم أن تشمل التشريعات الوطنية ضمانات صريحة لحقوق ذوي الإعاقة. يجب أن نركز على تطوير إطار قانوني شامل يدعم حقوقهم في التعليم، والعمل، والرعاية الصحية. على سبيل المثال، يمكن الاستفادة من التجربة السويدية في توفير تعليم مجاني ومرن لذوي الإعاقة، أو تجربة كندا في ضمان إدماجهم المهني عبر سياسات إلزامية للشركات، مما يعكس نجاح هذه القوانين في تحقيق التكافؤ والتنمية

    إن المطلب الأساسي اليوم هو تركيز الهيئة الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة على الأولويات التالية:

    - صياغة إستراتيجية وطنية شاملة تمتد لعشر سنوات قادمة

    - مراقبة تنفيذ القوانين والتشريعات بآليات واضحة وشفافة

    - ضمان تطبيق المادة 32 من الدستور العراقي التي تنص على رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة وتكفل الدولة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع 

    - تفعيل الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

    - إنشاء صندوق وطني لدعم مشاريع التمكين للأشخاص ذوي الإعاقة

    - تأسيس محكمة متخصصة للنظر في قضايا التمييز السلبي للأشخاص ذوي الإعاقة

    ثالثاً: في التمكين الاقتصادي والمالي

    نطلق اليوم مبادرة "التمكين الشامل" التي تتضمن:

    - تخصيص نسبة 25% من صندوق المشاريع الصغيرة والمتوسطة للأشخاص ذوي الإعاقة

    - توفير وحدات سكنية في المشاريع الوطنية بتسهيلات إستثنائية لهذه الشريحة

    - إنشاء حاضنات أعمال متخصصة في كل محافظة لهذه الشريحة

    - تقديم إعفاءات ضريبية للشركات الداعمة للأشخاص ذوي الإعاقة

    - تأسيس بنك متخصص للتمويل الميسر للأشخاص ذوي الإعاقة

    - إنشاء مراكز تدريب مهنية متخصصة لهذه الشريحة

    رابعاً: في التعليم والابتكار التكنولوجي

    التعليم هو البوابة التي تُفتح من خلالها آفاق المستقبل. يجب تطوير مناهج تعليمية مرنة تلبي احتياجات ذوي الإعاقة وتوظف التكنولوجيا لتوفير بيئات تعليمية داعمة. إن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة عبر أدوات مثل تطبيقات تعليمية تُصمم خصيصًا لاحتياجاتهم، وبرامج الترجمة الفورية للغة الإشارة، وأجهزة تعتمد على التعلم الآلي لتقديم تعليم فردي ومتخصص، مما يعزز من فرصهم في التعليم ويساهم في إزالة الحواجز التقليدية التي يواجهونها.

    أقول لكم بصراحة: لا يمكننا قبول أن نسبة كبيرة من أطفالنا من الأشخاص ذوي الإعاقة محرومون من التعليم الأساسي. هذا أمر مؤسف يجب أن نعالجه. لذا نطرح:

    - إنشاء مدارس نموذجية في كل محافظة للأشخاص ذوي الإعاقة

    - تطوير منصات تعليم إلكتروني متخصصة لهذه الشريحة

    - توفير منح دراسية شاملة للدراسات العليا لهذه الشريحة

    - إنشاء مركز وطني للبحث والتطوير في تقنيات المساعدة للأشخاص ذوي الاعاقة

    - تأسيس أكاديمية متخصصة للتدريب المهني لهذه الشريحة

    - توفير الأجهزة والتقنيات المساعدة مجاناً لهذه الشريحة

    خامساً: في البنى التحتية والخدمات

    البنى التحتية الشاملة هي حق أساسي للجميع. يجب أن تكون جميع المرافق العامة والخاصة مجهزة لتلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك المصاعد، والممرات ، ودورات المياه.

     

    ونؤكد على ضرورة:

    - تجهيز وسائل النقل العام بالتقنيات المساعدة لهذه الشريحة

    - إنشاء مراكز تأهيل متكاملة في كل محافظة لهذه الشريحة

    - توفير خدمات صحية متخصصة وشاملة لهذه الشريحة

    - تطوير مراكز ترفيهية ورياضية مجهزة لهذه الشريحة

    سادساً: في المشاركة المجتمعية والسياسية

    الأشخاص ذوو الإعاقة ليسوا مجرد أفراد مستحقين للدعم، بل هم شركاء في صنع القرار. يجب أن يكون لهم تمثيل قوي في الهيئات السياسية والاستشارية، لضمان أن تأخذ القرارات التشريعية والتنفيذية احتياجاتهم بعين الاعتبار.

    لقد علمتمونا أن المشاركة حق وليست منحة. لذا ندعو إلى:

    - تخصيص كوتا في المجالس النيابية والمحلية للأشخاص ذوي الإعاقة

    - ضمان تمثيلكم في مواقع صنع القرار بآلية تحددها المؤسسات الحكومية المعنية

    - دعم منظمات المجتمع المدني المتخصصة

    - تأسيس منصة إلكترونية للتواصل المباشر مع صناع القرار

    سابعاً: في مجال الصحة النفسية والدعم الأسري

    إخوتي وأخواتي... إن التمكين الحقيقي يبدأ من الداخل، من بناء الثقة والقدرة على مواجهة التحديات. لذا نقترح:

    - إنشاء مراكز متخصصة للدعم النفسي

    - تقديم برامج إرشادية للأسر التي تتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة

    - تطوير برامج تدريبية للكوادر المتخصصة

    - توفير خدمات استشارية مجانية

    - دعم مجموعات المساندة الذاتية

    ثامناً: في مواجهة تحديات المستقبل

    في عالم سريع التغير، علينا أن نستعد لتحديات جديدة:

    - وضع خطط للتعامل مع الكوارث الطبيعية للأشخاص ذوي الإعاقة

    - تطوير استراتيجيات التكيف مع التغير المناخي لهذه الشريحة 

    - الاستفادة من الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي لهذه الشريحة

    - تعزيز القدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية لهذه الشريحة

     

    أيها الأحبة،

    إن تحقيق العدالة الاجتماعية يبدأ بالاعتراف بقيمة كل فرد في المجتمع، بغض النظر عن اختلافاته أو احتياجاته. أنتم رمز للصمود والتحدي، وحضوركم اليوم هو رسالة لكل من يعتقد أن الإعاقة يمكن أن تكون عائقًا. رسالتكم هي أن الإرادة تصنع المعجزات، وأنكم قادرون على المساهمة الفاعلة في بناء هذا الوطن.

    وفي الختام،

    أقول لكم: نحن معكم وسنبقى داعمين لمسيرتكم. إننا ملتزمون بتحويل الأقوال إلى أفعال، وبناء مستقبل لا يميز بين أبنائه إلا بما يقدمونه من عطاء. معًا، سنحقق العدالة، وسنرسم مستقبلًا يليق بأحلامكم وطموحاتكم.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

     

    اخبار ذات صلة